بقلم إسراء عبد الفتاح .. ثقافة الإضراب

حول إضراب 6 إبريل 2009
اسمحوا لى أن أعرض وجهة نظري الشخصية في إضراب 6 أبريل 2009


الدعوة لإضراب سلمى - في رأيي – لا تكون دعوة دورية، فلا يمكن أن نحدد يوما معينا للإضراب ، في الشهر مثلا أو في السنة، فهذا يتعارض مع تعريف وثقافة الإضراب، فلا بد ان تتوفر عوامل رئيسية للدعوة لإضراب عام ناجح، يتحقق الهدف من ورائه، مثلما حدث فى 6 أبريل الماضى، فالبنية الأساسية لنجاح الإضراب كانت متوفرة، وهي حالة الاحتقان والغضب العامة تجاه الارتفاع الحاد في الأسعار الذي لا يوازيه أى ارتفاع في الدخل، وبالتالى ظهور عدة أزمات عانى منها شعب مصر باختلاف طبقاته، كأزمة رغيف العيش مثلا .أدت هذه العوامل إلى توحد فى الشعور بالغضب لدى أغلبية الشعب المصري، وأعتقد أن هذه البنية الأساسية التي توفرت داخل نفوس الشعب المصري هي العامل الرئيسي في نجاح الإضراب ، وهي العامل الرئيسي الذي يجب الاعتماد عليه للدعوة لأي إضراب آخر.وأيضا كان هناك توحد فى الأهداف والمطالب ، فالمطلب الذي اجتمع عليه الشعب المصري كان إما انخفاض الأسعار أو زيادة الدخل بما يستوعب الزيادة الحادة في الأسعار ، وهو ما حدث أيضا فى كثير من الإضرابات الأخرى الناجحة كإضراب الصيادلة والذي أراه من أنجح الإضرابات فى الفترة الراهنة، فقد توحد جميع الصيادلة فى حالة غضب من فرض ضرائب عليهم بأثر رجعى، وكان المطلب الرئيسي الذي اتفق عليه الصيادلة هو إلغاء الضرائب المستحقة عن سنوات ماضية ، وهو ما نجحوا فى تنفيذه، فقد أطل علينا رئيس الوزراء بعد نجاح إضرابهم قائلا: ( اللي فات مات ) طيب ليه ما متش قبل إضرابهم ؟وأعتقد أن الدعوة للإضراب القادم لا تتوفر لها هذه البنية الأساسية ، فالدعوة موجهة لكل طوائف الشعب التى تعرضت للظلم مع اختلاف وتباين فيما تعرضوا له، والبعض يدعو لإضراب لا نعرف آليته ، والبعض الآخر يدعو لاحتجاج عام لكل الطوائف والطبقات التي وقع عليها الظلم وتأثرت بفساد النظام الحالي سواء كانوا أهالى الدويقة أو عمال السكك الحديدية أو المدرسين .......الخ فكل طائفة منهم لها أهداف ومطالب خاصة بهم وتختلف درجة تعرضهم للظلم وهنا فقدنا توحد الهدف والمطلب الذى كان من أهم اسباب نجاح إضراب أبريل 2008، كما أن تأثير هذه الأزمات قد انتهى إما بعامل الوقت أو لأنها تم حلها جزئيا ونحن شعب طيب وعاطفي ويفكر بقلبه وينسى الإساءة بانفراج الأزمة ....أي أنه إذا لم ينتفضوا وهم يعانون ويصرخون ، فللأسف لن ينتفضوا بعد ذلك ، وسيقولون كما قال رئيس وزارتهم من قبل ( اللي فات مات ) .....بالإضافة إلى أنه لو فشل الإضراب القادم سيكون له أثر سيء على الشعب الذي ما زال يخطو خطواته الأولى في عالم التعبير عن الرأي والإيجابية وخلع رداء السلبية واللامبالاة . سيقولون إن نجاح الإضراب الأول حدث بمحض الصدفة حيث كان مفاجأة للحكومة والأمن ... وأن الأمن قادر على إاحباط أى إضراب آخر لكل الشعب المصري، وهذا ما لا نتمناه أو نرجوه حتى لا نساهم في حالة الإحباط الكامنة فى نفوس هذا الشعب المسكين الصامد .ولا بد أن نؤكد أن الإضراب الذي نهدف إليه ونسعى لنشر ثقافته الحضارية هو تعبير سلمي بناء وليس هدما أو دمارا او نشر حاله من الفوضى كما يتصور البعض ولكن الإضراب هو بمثابة إعادة تقييم المسار وخطوة نحو إعادة الهيكلة والبناء بأساس قوي متين يضمن الحفاظ على المصالح المتبادلة بين الطرفين الحكومة والشعب .أما ما أتمناه في ذكرى هذا اليوم وأدعو إليه هو أن نحتفل مع شعب مصر العظيم بيوم نصر الإرداة المصرية القوية ، وأن أعطى وردة حمراء - دليل الحب والتقدير - لكل من ساهم فى نجاح هذا اليوم، مساهمة سلمية وبناءة ، ولكل من دفع الثمن من أجل انتصار إرادة حرة مصرية شعبية قوية ، ووردة بيضاء – دليل الصفاء والأخاء – لكل أجهزة الدولة تعبيرا سليما أننا لسنا ضدهم بل اننا ضد تبنى اى سياسات تحمل فى طياتها اهدار حقنا او سلب ارادتنا ، وأن يتضمن الأحتفال إعادة تقييم هذا الحدث من حيث سلبياته وإيجابيته ونحاول أن نتفادى هذه السلبيات فى الإضراب القادم، وان ندعم الإيجابيات ونبحث عن عوامل وآليات أخرى تجعل من هذا الشعب صوتا عاليا قويا يقف ضد من يحاول أن يسلبه حقه ويهدد أمنه ومصالحه .وأنا على يقين أنه فى المستقبل القريب ستتوافر العوامل والظروف لنجاح أشمل وأعم تعبير سلمى احتجاجي لشعب مصر ضد كل من تسول له نفسه أنه يستطيع أن يهدر حق هذا الشعب في أن يعبر عن رأيه ويطالب بحقه.كل هذا ليس معناه أنني ضد أي دعوة قادمة للاحتجاج أو الإضراب السلمي فأنا مع كل حدث يصب في مصلحة هذا الشعب ولكنني أردت فقط أن أعبر عن رأي الشخصي من منظور فهمي لطبيعة الشعب المصري وقراءاتي للأحداث الراهنة .